أصوات من داخل السوبرماركت
من شهور وفي الوضع الاقتصادي الصعب ده،
استقلت من وظيفتي الثابتة وبقيت فريلانسر.
كان قرار متهور، في وقت مجنون، أو قرار شجاع في وقت صعب، مش قادرة أحدد.
لكن الاستقالة مع موجة التضخم الجديدة فرضت عليا وضع جديد،
كان لازم أغير حياتي بشكل كبير واتأقلم. كان لازم أتقشف.
عمرو أديب في برنامجه التليفزيوني «الحكاية»: الأسعار على فكرة أقوى من أي حد..
هي بتهرس أي حد.. هي بتدوس على أي حد.
في السوبرماركت: مناديل فنادق.. أه.. حتة جبنة خالات..
ميزانية الأكل والشرب بقت بالمحسوب..
ماقدرش اشتري حاجة كدة بقلب جامد من غير ماسأل عن تمنها الأول..
وبقيت أدور على ايه الأرخص، مش ايه الأفضل.
في السوبرماركت: هو الكريستال بكام؟ بـ ٤٧.
والسلايت بكام؟ بـ ٣٩..
لأ يبقى هاتلي الـ.. بس السلايت مش لتر.. يعني كدة مش هاوفر قصدك؟
لأ ده كدة أوفر..يعني كدة أوفر؟ ده ٩٠٠.. من ٧٠٠ لـ ٩٠٠ مش فارقة قوي. خلاص ماشي..
الـ ١٠٠ جنيه اللي قيمتها في ذهني إنها مبلغ كبير مثلا، مبقتش تشتري حاجة قوي.
أقل طلب هاعمله أو شروة لشوية حاجات بسيطة أساسية مش هتقل عن ٢٠٠ جنيه.
مبقتش أقدر أركب أوبر طول الوقت كدة بدون حساب، بالذات أن تعريفته زادت.
بقيت أكتر ألجأ للتاكسي..
في التاكسي: جاردن سيتي؟ العداد شغال؟ لأ مش شغال والله.. طب هتاخد كام؟
هتدفعي كام؟ المشوار يعمله ٢٠، مش أكتر من كدة. ده ٢٠ ده بالأوبر والحاجات دي..
يعني لو ٢٥ مش هتوافقي..
لأ عشرين حلو بقى عشان واقفة بقالي كتير في الشمس..طب اتفضلي.. ماشي..
هدير: أو لأتوبيسات نقل خاصة.
هدير: وطبعا المترو..
هدير: كانت أول مرة السنة دي أرجع أركب المترو من سنين.
اتفاجأت إن تذكرة المترو مبقتش بجنيه.
هدير: ولأني شبه مستجدة بتوه في المحطات والاتجاهات والمداخل والمخارج.
في المترو: فرقت فرقت كتير. الدنيا الأول كانت أرخص والدنيا أهدى..
كنتي بتقوليلي انتي بتاخدي المترو بالليل والميني باص الصبح؟ ليه؟
عشان الزحمة؟ أسهلي الميكروباص الصبح أسهلي..
بس مش عشان الزحمة.. أنا مبحبش المترو الصبح عادة..
هدير: أنا مع نهى مرشد، موظفة في مصلحة الضرايب العقارية،
زيها زي كل موظفين الحكومة، أجورهم مش متناسبة مع الأسعار.
رحت لنهى مصلحة الضرايب، أخدتها وركبنا المترو سوا وبعدين توكتوك لغاية بيتها،
وحكيتلي ازاي بردو بتحاول تتقشف هي وأسرتها وولادها الأربعة.
أصوات التوكتوك:
نهى: احنا كموظفين ضرايب عقارية بيجيلنا كل تلات شهور مكافأة،
على حسب الحصيلة اللي احنا بنجيبها،
فاحنا بقالنا شوية، كل ٣ شهور بيجيلنا حصيلة خمس شهور.
في الربع سنوي بتاع المرة دي، اللي بنقبضه في عشرة، فوجئنا انه ٣ شهور.
طبعا ده فرق مع ناس كتير في دخول مدارس ومولد النبي والشتا داخلة ولبس شتوي وكدة..
وفيه ناس كانت عاملة حسابها عليه،
وكانت سالفة من زمايل تانية أو ناس تانية عشان تاخد من هنا وتحط هنا…
فرق الشهرين دول عملوا معايا أنا سبع تمان آلاف جنيه.. هتعملي ايه؟
اللي جه مشيتي على قده.. لبس المدرسة مثلا لو كنتي مثلا هتجيبي طقمين مثلا للبنت.
لأ هتجيبي واحد. لأ فرقت. هتلاقي نفسك في كل حاجة خصمتي.
هدير: موضوع اللبس ده أنا كمان شيلته من الميزانية تماما، إلا للضرورة القصوى.
نهى: احنا مثلا بقالنا سنتين مابنطلعش مصيف. نطلع مصيف نعمل ايه.
أختي طلعت السنة دي مصيف مرسى مطروح جت لعنت..
قلتلها قلتلك ماتروحيش..
اليوم هناك بـ ٥٠٠ جنيه، غير اكلك وشربك ومواصلاتك غير الفسح غير غير غير،
مع ان هي بتشتغل قطاع خاص.. دلوقتي القطاع الخاص مش زي مانتي متخيلة يعني.
في مطبخ نهى: ممكن تكلميني بقى عن موضوع الأكل ده واحنا..
بالنسبة؟
يعني على موضوع إزاي تأقلمتي مع الوضع الاقتصادي ده،
السئ، في موضوع ميزانية الأكل والشرب والحاجات الأساسية..
نهى: تخيلي لما كرتونة البيض ب ٧٥ جنيه،
طب الأطفال اللي رايحين مدارس عايزين يفطروا.
مين هيجيب كرتونة بيض ب٧٥ جنيه؟ ليه يعني؟ عشان ايه؟
فحتى لو رحتي جبتيها هتتعاملي مع البيض بحرص.
يعني مثلا لو كنتي بتعملي بانيه مثلا وانتي قلبك جامد بتعملي بيضتين،
دلوقتي بتكسري بيضة وتروحي مزوداها مياه وملح وفلفل اسود
عشان تكملي النص كيلو بانيه يكفي البيضة.
لأن الدنيا بقت صعبة صعبة جدا جدا..
كل المهن دلوقتي بتشتكي من هذه الزيادة..
لسة امبارح مع والدتي كنا بنتكلم في موضوع الغلا وكده
كانت بتجيب الزبدة السايبة بـ ٢٣ جنيه حاجة كدة.
راحت تجيبه امبارح ب ٤٨ جنيه.
ليه؟ قلتلها يا ماما احنا شفنا حاجة؟ احنا لسة ماشفناش حاجة.
بعد أيام قليلة من مقابلتي لنهى،
كانت الأسعار اللى بتتكلم عنها دي زادت تاني.
السنة دي كانت فعلا سنة صعبة.
حرب روسيا على أوكرانيا خلقت أزمة اقتصادية وأزمة غذاء عالمية.
والسنة دي كمان الحكومة المصرية اخدت قرارات أزمت الوضع المعيشي أكتر،
منها رفع أسعار السولار والبنزين، وخفض سعر صرف الجنيه قصاد الدولار في مارس،
وبعدين تحريره تماما في أكتوبر عشان قرض صندوق النقد الدولي الجديد.
نتيجة القرارات دي إن معدلات التضخم اتضاعفت في الشهور اللي فاتت،
ووصلت لمستويات محصلتش من أربع سنين.
عموما اللي حصل ده هو استمرار لسياسات اقتصادية بدأت في ٢٠١٦،
كلها في اتجاه رفع الدعم وتحرير السوق والعملة.
ده غير فشل الحكومة بشكل عام في إدارة الاقتصاد.
ففي الحقيقة الوضع متأزم بقاله مدة،
حتى لو اشتدت الأزمة السنة دي عن قبل كدة…
كل مرة كان يطلع قرار جديد من دول كنت بحس كأن حد بيزنقني في ركن
وبيديني في بونيات.
دلوقتي عمالة أفكر إذا كان بقالي شهور عاملة تقشف ومش نافع، أعمل ايه تاني؟
في مطبخ نهى: ماهو انتي بييجي عليكي وقت إن انتي لازم تتعايشي..
فانتي بقيتي لو كنتي بتعملي في الأسبوع مثلا تلات أربع مرات حاجات معينة،
لأ بقيتي دلوقتي بتقيسيها بشكل تاني..بقيتي مثلا في يوم.
النهاردة عملنا فراخ، بكرة لو فاض ماشي، مافاضشي، بنجيب حاجة تانية،
مش شرط تكون فراخ، بانيه مثلا حاجة كدة، لو الظروف سامحة، لو الظروف مش سامحة،
بتقيسيها بقى بأي حاجة تانية.. كشري بعدس أصفر.. مكرونة وبيض.. مكرونة وبطاطس..
بتمشي كدة يعني، ماتمشيش بالشكل اللي كنا بنمشي عليه في الأول، اللي هو تلات أربع مرات حاجات في الأسبوع..
صوت عجل
وانا في السوبر ماركت، البياع اقترح عليا فكرة كمان للتوفير.
طبعا العجلة هتوفر كتير من ميزانية المواصلات.
أنا لحد دلوقتي باركب عجل أيام الأجازة، في أوقات مش زحمة.
دايما كان نفسي استخدم العجلة اكتر،
بس مبعملش كدة لإن شوارع القاهرة مخيفة شوية ومش صديقة للعجل إطلاقا.
فكرت في صديقتي الفنانة التشكيلية فاطمة أبو دومة.
هي أكتر حد بعرفه بتستخدم العجلة فعلا كوسيلة مواصلات.
قابلت فاطمة ورحنا سوا بالعجل الاستوديو بتاعها في وسط البلد.
رحلة العجل مع فاطمة: أهلا أهلا.. تحية العجل..
طب ياللا نعمل تحية العجل قبل ما نتحرك.. الجرس بتاعك شغال؟ ياللا بينا..
فاطمة: لو انتي. لو عندك. لو أنا عندي كذا مشوار في وسط البلد بيكون أوفر بكتير إن أنا اروحه بالعجلة،
عشان هيبقى كذا stop، يعني كذا تاكسي، بكذا نزلة، فطبعا ده هيوفر وقت وهيوفر فلوس. الاتنين.
بستخدمها at least في مشوار الاستوديو، بس جوة وسط البلد.
رحت الزمالك مرتين ورحت الدقي بيها مرة أو مرتين، بستخدمها في نطاق وسط البلد،
بس أنا عامة حركتي في نطاق وسط البلد.. كأنها وسيلة مواصلاتي.
في رحلة العجل مع فاطمة: يعني ثانية واحدة، فيه إيه؟ بعدي الشارع. إيه المشية دي؟
هو إيه اللي جايين عكس؟ بنعدي الشارع. انت شايفني راكبة صاروخ.
اتفضل عدّي، مانتاش على صلاح سالم..
شفتي؟ مش هاسوق عجل تاني غير يوم الجمعة غالبا..
لا هم متخلفين قوي وبيخشوا بسرعة قوي في شارع جانبي.
للأسف، العجل كوسيلة للمواصلات مانجحتش معايا قوي.
في رحلة العجل مع فاطمة: مانتاش ماشي على طريق سريع.. خلي بالك..
فاطمة بتشتغل فريلانسر- زيي. وهي كمان شغلها اتأثر جدا السنة دي.
فاطمة: مش عارفة ده أنا بس ولا كذا حد، بس البيع قل عن الأول،
يعني ان حد يشتري لوحات بقى ممكن أقل شوية عن الأول،
بس لسة موجود.. ممكن كان أكتر شوية في الأول،
بس ممكن يكون قل شوية دلوقتي، الناس بقت تشتري art أقل..
ومش بس كده. فاطمة بقى عندها مشكلة حقيقية في إنها تشترى المواد إللي هي بتحتاجها في شغلها،
أو إنها تلاقيها أصلا، بعد قرارات منع وتقييد استيراد حاجات كتير في السنين الأخيرة.
وفيه ناس تانية كتير عندها مشاريع صغيرة أو كبيرة،
بردو كان عندهم صعوبة يلاقوا الخامات اللازمة لشغلهم.
فاطمة: طبعا بقى بالنسبة لحاجات ال art هي فعليا بعد ٢٠٢٠ حاجات كتير قوي مبقتش موجودة،
واللي موجود بيغلى بشكل رهيب.
لدرجة اني ساعات بفكر كدة إن أنا محتاجة أروح أ store حاجات كتير،
يعني مثلا الـ canvas سعرها اتضرب في تلاتة..
أنا ممكن ارسم على ورق وممكن ارسم على canvas،
اللي هو بيبقى قماش مشدود على خشب،
فده سعره فعليا زاد تلات أضعاف.
الألوان والأقلام.
كل حاجة كل حاجة، مهما كانت بسيطة هي زادت بالتلات أضعاف.
وبابقى مبسوطة ان أنا لقيتها يعني،
يعني بقول الحمد لله هي غليت بس لسة موجودة،
لأن أغلب الحاجات مبقتش موجودة.
مش عارفة ازاي ممكن نتقشف أكتر من اللي أنا ونهى وفاطمة وغيرنا بالفعل بنعمله.
يمكن يكون احنا حظنا أفضل نسبيا من غيرنا،
لأني معرفش حد ومبشوفش حد إلا لو بيعاني من الأسعار.
فاطمة: أنا بحس ان احنا زمان definitely كنا بنخرج اكتر بكتير،
كنا لازم نخرج كل يوم نسهر في حتة، الموضوع دلوقتي مبقاش بهذه السهولة..
حاجات ممكن كنا نعملها بدون تفكير،
أو بدون تخطيط دلوقتي لازم نفكر ونخطط ليها بشكل مسبق،
عشان نعرف الموضوع هيمشي ولا مش هيمشي.
صوت القطط في الاستوديو
ده صوت قطط فاطمة. عيلة كبيرة عايشة معاها في الاستوديو.
فاطمة: عندي سنوي وزويا وقطنة ونم وكافكا.
كدة أنا قلت خمسة وعندي بلو. زويا ونم وسنوي وكافكا وقطنة قطط، وبلو كلبتي حبيبتي..
وفيه في الاستوديو اللي احنا فيه كمان ..
فاطمة: وفيه نوسة وولادها، دي تاني خلفة ليها.
اللي حوالينا دلوقتي وبيلعبوا معانا..
فاطمة: اللي حوالينا دلوقتي، دي وريكا اللي معجبة بالمايك،
معجبة بسلك المايك فعليا، ونوسة الأم، هي المصدر بتاعة كل الـ kittens الصغيرين دول.
الحيوانات كمان إتأثروا بالأزمة الاقتصادية، مش بس البني آدمين.
فاطمة: الموضوع فعلا أزمة كبيرة جدا، أعرف حيوانات كتير لأن أكلهم مبقاش موجود تعبوا،
لأن اضطر ناس يجيبولهم أكل صناعة محلية أو مجهول الهوية، ففيه قطط تعبت قوي،
تعبت بأمراض خطيرة في الكلى وكدة..
الأكل بيغلى قوي، وده بيخلينا بردو، ممكن مثلا سفرية هتتلغي عشان أكل القطط خلص،
فهنضطر نجيب أكل القطط المرة دي..
اضطريت أطبخلهم أكتر في الفترة دي،
بعد كدة أكلهم دلوقتي رجع يبقى موجود بس بسعر أعلى بكتير من الأول.
وفعليا زي ما قلتلك قبل كدة، في خلال أسبوع ممكن الحاجة بتغلى نص تمنها تاني.
الفراخ غليت بردو، يعني أنا كنت بعمل أكل لكلاب الشارع،
ساعات كنت بجيبلهم أجنحة، ولو معايا فلوس كنت بجيب صدور وحاجات كدة،
فهي فعليا بقت أغلى بكتير، فده طبعا اضطر إن أنا أقلل الأوقات اللي بدي فيها أكل لكلاب الشارع.
بحاول إن ماقصرش، بقدر الإمكان، بس ساعات فعليا بيبقى الموضوع too much، بس بحاول يعني.
*كولاج أصوات*
