تبدو الوَعْدة، نوعا من كسر الروتين في مكان لا يتوفر على العديد من الطرق لكسره.
كرنفال ووليمة شعبية تُقام عند ضريح ولي صالح. حيث العديد من القرى، في ريف الجزائر خاصة غرب البلاد، تحمل أسماء مؤسسيها. رجال يعتبرهم قومهم قادة وما يُمكن أن نسميه عُمدة في وقتنا الحاضر، وكان الجميع يحترمهم بسبب إيمانهم ووفائهم وعدلهم وسلوكهم، ومع الوقت صارت الوَعدات تقام بالقرب من مراقدهم.
من قرية لأخرى، في غرب الجزائر، يزور الناس أضرحة الجدود والأولياء الصالحين الذين دُفنوا على مسافة قصيرة من القرية. يمارسون طقوسهم ويتبرّكون بهم. مهرجان كامل، بين الارتجال والتنظيم المُحكم، يُقام عند كل ضريح.
ولائم ونُذور ورقصات وموسيقى بدوية.. وأيضًا، فرسان الفانطازيا بخيولهم وألعاب البارود.
أغلب الوعدات تُقام في “الموسم”، الذي يبدأ مع دخول الصيف وينتهي بخروج فصل الخريف؛ مواعيد زراعية لتخصيب الأرض والحصاد وجني الثمار. يأتي الناس من كل مكان، من القرية إذا كانت لا تزال مأهولة، ومن القرى المجاورة.. وطبعا من المُدن، مُدن الغرب الجزائري: وهران، غليزان، سيدي بلعباس، مستغانم، تيارت، تلمسان وغيرها، وأيضًا من مُدن أبعد، من كل الجزائر.
ربما جاء اسم الوَعْدة من الوعد بأمر طيب، وربما الوعد بالعودة للأرض التي هجرها الكثيرون خلال العشرية السوداء، خاصة أنه وفي تلك الفترة توقفت هذه الزيارات والاحتفالات واعتبرها التكفيريون بِدعًا.
البعض يأتي للتبرّك، البعض يأتي لأنه قطع نذرًا وآخرون كي يعقدوا أمنية أو يشعلوا شمعة. ثم هناك المرضى، الذين بهم مسّ أو مرض استعصى على الأطباء.
حول الضريح يُمارس الزوّار طقوسًا تقع في منطقة يختلط فيها الديني بما قبل الديني؛ وحين تبدأ الموسيقى تسري طاقة في الحاضرين، فتتشكل الحلقات بين متفرّج ومجذوب.. وتسري في الجو كلمات الدعاء والتمنّي بأن تكون “الزيارة مربوحة”.