ولدت في الجزائر لأم جزائرية وأب سوداني. انتقلت عائلتي إلى ليبيا حين كنت في التاسعة من عمري حيث أمضينا ثمانية عشر عاماً، كنت خلالها أقنع نفسي أني جزائري بينما كان يؤكد أبي أني سوداني.
واحده من الأشياء التي تعلمتها خلال العمل علي مشروعي Dry (جاف) أن الشكل الخارجي يلعب دوراً في تكوين شخصيتنا، لسبب رئيسي هو تعامل الناس أو ردة فعلهم لما يرونه في الشخص.
اعتقدت في البداية أن سؤالي لنفسي مَن أكون؟، هو سؤال بسيط، لكن مع الوقت تنبهت إلى حاجتي المتزايدة لفهم كيف يراني المجتمع و الأخرون بجميع مكوناتي: كطريقه كلامي وأفكاري وشكلي و تصرفاتي..
نعم، ربما لون بشرتي هو أول ما يلاحظه الناس، ولبعضهم هي كلّ ما يرونه ..
قد تكون مجرد كلمات تُستخدم لوصفي.. لكنني في معظم الأوقات أشعر وكأنها سكين يقطع جسدي..
تزن الكلمة أكثر من مجرد معناها، ولها وزن تاريخي و اجتماعي: على سبيل المثال هل تبدو لك عبد أو نيجرو مجرد كلمات؟
لا زلت أتذكر بعض الالقاب التي وُصِفتُ بها بسبب بشرتي: عبد / عبيد/ باباي/ كحلوش/ نيجرو/ محروق ..
لم تقتصر العبودية على الأمريكيين والأوروبيين، فلدينا تاريخ طويل من ذلك في المنطقة. ونحن نختار فقط عدم مناقشة الأمر جديا، لا بل تجاهله، والتظاهر بأن الكلمات هي مجرد كلمات. وقد يصبح مَن يدعو شخصًا أسود بالزنجي أو العبد مقبول ثقافيًا في كثير من الأوساط ..
لم يكن الوضع أفضل بكثير حين راجعت معاني أسود في قاموس اللغة العربية، لأجد أن أغلبها إحالات سلبية..
◆ أسود القلب: حقود ◆ أسود الكبد: عدُوّ ◆ والغنمُ سودُ البطون: مَهازيل ◆ رِجالُ إِفْريقْيا سُودُ البَشَرَةِ : لَوْنُهُمْ أَكْحَل ◆ الأسود والأحمر: جميع النَّاس، البشرية ◆ الموت الأسود: الموت خنقًا ◆ اليوم الأسود: وقت الحاجة، الشِّدّة ◆ رَجُل أسود: زنجي، مُنتمٍ لطائفة ذات بشرة قاتمة اللون ◆ الأسودان: التَّمر والماء، أو الحرَّة واللَّيل، أو الحيّة والعقرب، أو اللَّبن والماء ◆ الأسود ذو الطَّرفين: ثعبان ذو إبرتين إحداهما في أنفه والأخرى في ذَنَبه ..
“أسود”، “جزائري”، “سوداني”، “هوية وطنية”، “انتماء”، .. ماذا تعني حقيقةً كل هذه الكلمات التي يخترعها ويبني معناها المجتمع؟