نحن في نهاية العام. الهواء بارد لكنه شديد الجفاف. صديقي سليمان يريد أن يطمئن على قبر أبيه بعد أن سمع أن القصف طاول إحدى المقابر المجاورة. لم نعرف أي مقبرة بالتحديد تم استهدافها، فهناك الكثير من المقابر في حلب. المدافن الكبيرة كان عددها عشرة تقريباً، لكن عندما اشتدّ الحصار على الجزء الشرقي صار في كل شارع مقبرة وأحياناً أكثر، البعض منها كان مرتجلاً بلا سورٍ ولا بوابة، فقط أرض منبسطة حُفرت فيها خنادق طويلة ومتجاورة تفي بأغراض الدفن الجماعي.
مشينا أنا وسليمان بين أصوات النيران. كانت آثار الدمار بائنة في منتصف المكان. سقط برميلٌ متفجرٌ حافراً مكاناً عميقاً في التراب، برميلٌ آخر استقرّ عند سور المقبرة دون أن ينفجر. المنازل المجاورة متضررة بعض الشيء، ولا أعلم إن أصيب أحد غير الشواهد. أقاطع سليمان بينما يقرأ الأسماء قبراً قبراً: “معقول يكون قصف مستهدف؟”. يهزّ كتفيه إلى الأعلى: “أكيد عشوائي.. شو في بالمقبرة ينقصف؟”. بعد ساعة من البحث المضني بين الشواهد وبقايا العظام الآدمية بدأ الغضب يظهر على وجه سليمان الهادئ. هو متأكد أن والده في مكان ما هنا لكنه لا يعلم أين. استسلمنا وغادرنا دون أن نعثر عليه.
في أواخر هذا العام كنت قد اكتفيت من تصوير المعارك. أذكر آخر مرة حمي فيها وطيس المعركة وأصبحت المتاريس متاخمة لبعضها البعض، علت أصوات التكبير مع كل طلقة تخرج من فوهة بندقية.
كانت صرخات “الله أكبر” تنطلق من حناجر المقاتلين الإسلاميين وتطغى على صوت إطلاقات الرصاص. على الطرف الآخر مقاتلون من حزب الله وفصائل تابعة لإيران يردّون بـ”الله أكبر” أعلى من تلك الأولى. ساعات طويلة يتكرر المشهد والجنود على الطرفين مندمجون بعلاقتهم الحميمة، يقذفون بعضهم بالرصاص والتكبير.
وقتها لم يكن كل من يقاتل إسلاميين، لكنهم كانوا الوحيدين القادرين على الكلام.
لم أكن أعلم أني سأفقد رغبتي في التصوير في سوريا عندما كنت أبحث عن قبر شخص أعرفه. كنت أنوي تصوير الكوفية ومشاهد التصاقها بالعمل المسلح، تذكرت صديق العائلة أبو صلاح وارتباطه الوثيق بجمدانته (المعادل الحلبي للشماغ البدوي والكوفية الفلسطينية، وإحدى علامات الرجولة في أحياء حلب الشعبية).
في صباح اليوم الذي قتل فيه أبو صلاح كان يقول للجميع إنه لن يموت، وإنّ وجود القناص بالجهة الأخرى من الجبهة لا يعنيه إطلاقاً. أتته أربع رصاصات في ظهره وضعته في قبر بعيدٍ في مقبرة الشهداء الجديدة (بعد أن امتلأت القديمة). وصلتُ المكان فوجدت جمدانة أبو صلاح تعلو الشاهدة. قرأت الفاتحة على روحه والتقطت بعض الصور على عجل كوني لم أرتح يوماً لوجودي في المقبرة.
الآن عند التفكير بالموضوع أجد أن وقتاً جيداً من حياتي قضيته بين القبور.
القبر المجاور لشخصٍ من حمص والذي يليه لشخصٍ من الشام. بعض الشواهد مرفقة بأسماء مدن سورية، بعضها لمجهولي الهوية، وباقي المقبرة لأشخاصٍ من خارج الحدود.
هي إذن مقبرة معولمة تضم عديد الجنسيات والأطياف وتتناسب مع روح العصر.
أضعت نفسي لبعض الوقت فوجدتني أمام قبر لا تقول شاهدته سوى: “الله”. صعقتني الرؤية، كأنّي فقدت شخصاً قريباً مني. صحيح أني لم أكن يوماً متديناً، لكن علاقتي بالله كانت جيدة وغير مرتبطة بالدين. لم أعلم من الذي قتله، كتب الشاهدة وأقام دفنه بهذه السرعة دون نعاة ومشيعين.
صرت أسأل نفسي، هل لنيتشه علاقة بالأمر، أم أن إنساناً غاضباً يعيش هنا أراد أن يضع خلاصة تصلح لتفسير جميع مشكلاتنا المستعصية؟ لا أعلم من فعلها لكنها خلاصتي أنا أيضاً.
كان ذلك القبر آخر ما أردت مشاهدته من سوريا. مع ذلك ذهبت برحلة أخيرة للجبّانة القديمة، زرت قبر جدي للمرة الأولى بمفردي وكانت آخر مرة لي في البلاد.
هل صرت تعلم الآن -عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة- أن قبر الله ليس بغير مجرة، بل عندنا بالضّيعة، بجانب قبر أبو جمعة؟
بعد أيام من قدومي لألمانيا تمكنت من الوصول للمدينة التي سبقتني إليها زوجتي “نور”. ذهبتُ إلى عنوان الكامب الذي تقيم فيه لأجد نفسي أمام مقبرة ضخمة.
ساعة أخرى وأنا أدور حول المقبرة ولم أستطع إيجاد باب المخيم الذي لا يختلف عن المقبرة بكثير. كونتينرات مكدّسة بجانب بعضها البعض، وإن شردتُ بالتفكير دقيقةً واحدة أضعتُ وجهتي ووجدتُ نفسي بين القبور.
بعد أن استقرت أمورنا بعض الشيء تتعرف “نور” على مصوّر ألماني وزوجته مصورة القبور. كانوا لطفاء جداً عرفونا على بعض الأماكن بالجوار. في ذكرى يوم الموتى Allerseelen اصطحبنا “جونتر” و”بيترا” إلى مقبرة كبيرة في دسلدورف. وقتها التقطت كمية هائلة من الصور وشعرت أني في الأيام الأولى للثورة. استمرت علاقتنا حتى توفي “جونتر” وانتقلت “بيترا” لمدينة أخرى. الآن هي تبيع السمك وتصور قبوراً أبعد.
لاحقاً أغلب زياراتي للأصدقاء ستكون -دون قصد- ذات طابع جنائزي.
في فرانكفورت فوجئت أن صديقي قد تم إرساله أيضاً إلى مخيم للاجئين قبالة مقبرة فأمضينا بعض الوقت فيها، وفي باريس لم يخطر على بال صديقي أن نزور متحف اللوفر أو برج ايفيل لكنه اصطحبني لرؤية مقبرة أعدم فيها الفرنسيون بعض الثوار الجزائريين، وفي برلين وعند باب منزل صديقي قطع نحاسية مرصوفة بالأرض عليها أسماء قتلى يهود من ضحايا الهولوكوست.
توفي جدي عام 1998 فخرج موكب مهيب لتوديعه كأيام الثورة الأولى (يا له من تشبيه بسيط يمكنني أن أطلقه على كل شيء جميل مفعم بالحيوية كجنازة جدي مثلاً أو ولادة بلد). كان جدي إمام جامع هرم قبل عمره بسبب العمل الشاق في المطاحن نهاراً والتعبّد ليلاً في المساجد. كانت المرة الأولى التي أرى فيها أحداً يموت ويشيع ويدفن أمامي، فظننت أنني عرفت الموت وسيكون له نفس الوقع دائماً.
المقبرة في ذاك الوقت كانت تدعى “الجبّانة الكبيرة” وكانت عائلتنا الصغيرة تتجمع صباح أول يوم عيد لزيارة جدنا الطيب، تقليدٌ سنويّ مرتقب يرافقه ارتداء الثياب الجديدة وإطلاق التكبيرات التي تبشر بالأيام المباركة.
لم أتغيب ولا عام عن زيارة جدي حتى أتت الثورة وأصبح الموت حاضراً كل يوم. تفرقت العائلة وصار اجتماعنا ببلد واحد أقرب للمستحيل، ناهيك عن الذهاب للجبانة الكبيرة، وأصبح للقرية مقبرتان جديدتان وكبيرتان.
يحضر الموت في كل مفاصل حياتنا، إن لم يأت هو ذهبنا إليه بقدمينا نطمئنّ عليه، نبقى على علاقة دائمة مع أحبائنا حتى لو كانوا جثثاً هامدة، نزورهم بالورود وبقصص من يومياتنا، وعندما تصبح قبورهم بعيدة لا يزورها أحد نزور قبوراً عشوائية.
كان عندي قصاصة ورق في الحمّام تقول Welcome to the future. It smells amazing أظنها دعاية لماركة مزيل عرق، لكنها مع ذلك تعني لي الكثير. في فترة مراهقتي كنت أربط العبارة بعام 2020، وأقول لنفسي: في 2020 ستكون قد حققت كل أحلامك. لكن المستقبل لم يأت، أو أتى دون أن أميّز رائحته.
عندما أعود اليوم إلى أرشيف الصور تبدو لي حلب كلها وكأنها مقبرة واحدة، داخل مقبرة واسعة هي سوريا داخل مقبرة أوسع هي ألمانيا، وهكذا.. أو ربما هي ذاكرتي، تكاد لا ترى سوى حلقات دائرية من الشواهد.
نحن في نهاية العام. الهواء بارد لكنه شديد الجفاف. صديقي سليمان يريد أن يطمئن على قبر أبيه بعد أن سمع أن القصف طاول إحدى المقابر المجاورة. لم نعرف أي مقبرة بالتحديد تم استهدافها، فهناك الكثير من المقابر في حلب. المدافن الكبيرة كان عددها عشرة تقريباً، لكن عندما اشتدّ الحصار على الجزء الشرقي صار في كل شارع مقبرة وأحياناً أكثر، البعض منها كان مرتجلاً بلا سورٍ ولا بوابة، فقط أرض منبسطة حُفرت فيها خنادق طويلة ومتجاورة تفي بأغراض الدفن الجماعي.
مشينا أنا وسليمان بين أصوات النيران. كانت آثار الدمار بائنة في منتصف المكان. سقط برميلٌ متفجرٌ حافراً مكاناً عميقاً في التراب، برميلٌ آخر استقرّ عند سور المقبرة دون أن ينفجر. المنازل المجاورة متضررة بعض الشيء، ولا أعلم إن أصيب أحد غير الشواهد. أقاطع سليمان بينما يقرأ الأسماء قبراً قبراً: “معقول يكون قصف مستهدف؟”. يهزّ كتفيه إلى الأعلى: “أكيد عشوائي.. شو في بالمقبرة ينقصف؟”. بعد ساعة من البحث المضني بين الشواهد وبقايا العظام الآدمية بدأ الغضب يظهر على وجه سليمان الهادئ. هو متأكد أن والده في مكان ما هنا لكنه لا يعلم أين. استسلمنا وغادرنا دون أن نعثر عليه.
في أواخر هذا العام كنت قد اكتفيت من تصوير المعارك. أذكر آخر مرة حمي فيها وطيس المعركة وأصبحت المتاريس متاخمة لبعضها البعض، علت أصوات التكبير مع كل طلقة تخرج من فوهة بندقية.
كانت صرخات “الله أكبر” تنطلق من حناجر المقاتلين الإسلاميين وتطغى على صوت إطلاقات الرصاص. على الطرف الآخر مقاتلون من حزب الله وفصائل تابعة لإيران يردّون بـ”الله أكبر” أعلى من تلك الأولى. ساعات طويلة يتكرر المشهد والجنود على الطرفين مندمجون بعلاقتهم الحميمة، يقذفون بعضهم بالرصاص والتكبير.
وقتها لم يكن كل من يقاتل إسلاميين، لكنهم كانوا الوحيدين القادرين على الكلام.
لم أكن أعلم أني سأفقد رغبتي في التصوير في سوريا عندما كنت أبحث عن قبر شخص أعرفه. كنت أنوي تصوير الكوفية ومشاهد التصاقها بالعمل المسلح، تذكرت صديق العائلة أبو صلاح وارتباطه الوثيق بجمدانته (المعادل الحلبي للشماغ البدوي والكوفية الفلسطينية، وإحدى علامات الرجولة في أحياء حلب الشعبية).
في صباح اليوم الذي قتل فيه أبو صلاح كان يقول للجميع إنه لن يموت، وإنّ وجود القناص بالجهة الأخرى من الجبهة لا يعنيه إطلاقاً. أتته أربع رصاصات في ظهره وضعته في قبر بعيدٍ في مقبرة الشهداء الجديدة (بعد أن امتلأت القديمة). وصلتُ المكان فوجدت جمدانة أبو صلاح تعلو الشاهدة. قرأت الفاتحة على روحه والتقطت بعض الصور على عجل كوني لم أرتح يوماً لوجودي في المقبرة.
الآن عند التفكير بالموضوع أجد أن وقتاً جيداً من حياتي قضيته بين القبور.
القبر المجاور لشخصٍ من حمص والذي يليه لشخصٍ من الشام. بعض الشواهد مرفقة بأسماء مدن سورية، بعضها لمجهولي الهوية، وباقي المقبرة لأشخاصٍ من خارج الحدود.
هي إذن مقبرة معولمة تضم عديد الجنسيات والأطياف وتتناسب مع روح العصر.
أضعت نفسي لبعض الوقت فوجدتني أمام قبر لا تقول شاهدته سوى: “الله”. صعقتني الرؤية، كأنّي فقدت شخصاً قريباً مني. صحيح أني لم أكن يوماً متديناً، لكن علاقتي بالله كانت جيدة وغير مرتبطة بالدين. لم أعلم من الذي قتله، كتب الشاهدة وأقام دفنه بهذه السرعة دون نعاة ومشيعين.
صرت أسأل نفسي، هل لنيتشه علاقة بالأمر، أم أن إنساناً غاضباً يعيش هنا أراد أن يضع خلاصة تصلح لتفسير جميع مشكلاتنا المستعصية؟ لا أعلم من فعلها لكنها خلاصتي أنا أيضاً.
كان ذلك القبر آخر ما أردت مشاهدته من سوريا. مع ذلك ذهبت برحلة أخيرة للجبّانة القديمة، زرت قبر جدي للمرة الأولى بمفردي وكانت آخر مرة لي في البلاد.
هل صرت تعلم الآن -عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة- أن قبر الله ليس بغير مجرة، بل عندنا بالضّيعة، بجانب قبر أبو جمعة؟
بعد أيام من قدومي لألمانيا تمكنت من الوصول للمدينة التي سبقتني إليها زوجتي “نور”. ذهبتُ إلى عنوان الكامب الذي تقيم فيه لأجد نفسي أمام مقبرة ضخمة.
ساعة أخرى وأنا أدور حول المقبرة ولم أستطع إيجاد باب المخيم الذي لا يختلف عن المقبرة بكثير. كونتينرات مكدّسة بجانب بعضها البعض، وإن شردتُ بالتفكير دقيقةً واحدة أضعتُ وجهتي ووجدتُ نفسي بين القبور.
بعد أن استقرت أمورنا بعض الشيء تتعرف “نور” على مصوّر ألماني وزوجته مصورة القبور. كانوا لطفاء جداً عرفونا على بعض الأماكن بالجوار. في ذكرى يوم الموتى Allerseelen اصطحبنا “جونتر” و”بيترا” إلى مقبرة كبيرة في دسلدورف. وقتها التقطت كمية هائلة من الصور وشعرت أني في الأيام الأولى للثورة. استمرت علاقتنا حتى توفي “جونتر” وانتقلت “بيترا” لمدينة أخرى. الآن هي تبيع السمك وتصور قبوراً أبعد.
لاحقاً أغلب زياراتي للأصدقاء ستكون -دون قصد- ذات طابع جنائزي.
في فرانكفورت فوجئت أن صديقي قد تم إرساله أيضاً إلى مخيم للاجئين قبالة مقبرة فأمضينا بعض الوقت فيها، وفي باريس لم يخطر على بال صديقي أن نزور متحف اللوفر أو برج ايفيل لكنه اصطحبني لرؤية مقبرة أعدم فيها الفرنسيون بعض الثوار الجزائريين، وفي برلين وعند باب منزل صديقي قطع نحاسية مرصوفة بالأرض عليها أسماء قتلى يهود من ضحايا الهولوكوست.
توفي جدي عام 1998 فخرج موكب مهيب لتوديعه كأيام الثورة الأولى (يا له من تشبيه بسيط يمكنني أن أطلقه على كل شيء جميل مفعم بالحيوية كجنازة جدي مثلاً أو ولادة بلد). كان جدي إمام جامع هرم قبل عمره بسبب العمل الشاق في المطاحن نهاراً والتعبّد ليلاً في المساجد. كانت المرة الأولى التي أرى فيها أحداً يموت ويشيع ويدفن أمامي، فظننت أنني عرفت الموت وسيكون له نفس الوقع دائماً.
المقبرة في ذاك الوقت كانت تدعى “الجبّانة الكبيرة” وكانت عائلتنا الصغيرة تتجمع صباح أول يوم عيد لزيارة جدنا الطيب، تقليدٌ سنويّ مرتقب يرافقه ارتداء الثياب الجديدة وإطلاق التكبيرات التي تبشر بالأيام المباركة.
لم أتغيب ولا عام عن زيارة جدي حتى أتت الثورة وأصبح الموت حاضراً كل يوم. تفرقت العائلة وصار اجتماعنا ببلد واحد أقرب للمستحيل، ناهيك عن الذهاب للجبانة الكبيرة، وأصبح للقرية مقبرتان جديدتان وكبيرتان.
يحضر الموت في كل مفاصل حياتنا، إن لم يأت هو ذهبنا إليه بقدمينا نطمئنّ عليه، نبقى على علاقة دائمة مع أحبائنا حتى لو كانوا جثثاً هامدة، نزورهم بالورود وبقصص من يومياتنا، وعندما تصبح قبورهم بعيدة لا يزورها أحد نزور قبوراً عشوائية.
كان عندي قصاصة ورق في الحمّام تقول Welcome to the future. It smells amazing أظنها دعاية لماركة مزيل عرق، لكنها مع ذلك تعني لي الكثير. في فترة مراهقتي كنت أربط العبارة بعام 2020، وأقول لنفسي: في 2020 ستكون قد حققت كل أحلامك. لكن المستقبل لم يأت، أو أتى دون أن أميّز رائحته.
عندما أعود اليوم إلى أرشيف الصور تبدو لي حلب كلها وكأنها مقبرة واحدة، داخل مقبرة واسعة هي سوريا داخل مقبرة أوسع هي ألمانيا، وهكذا.. أو ربما هي ذاكرتي، تكاد لا ترى سوى حلقات دائرية من الشواهد.