في مثل هذا الشهر قبل 12 سنة، أُعلن عن فوز ملف ترشح قطر لاستضافة بطولة كأس العالم 2022بشكل رسميّ. كان ذلك في وقتٍ سبقته مغازلات من رئيس الفيفا آنذاك جوزيف بلاتر، ولم يكن تطبيق تيك توك قد أطلق بعد، ولم يكن لدى ميسي سوى كرة ذهبية واحدة.
ربما تتذكّر معي لحظة الإعلان وتغطية قنوات الجزيرة الرياضية لها، وربما عِشتَ مثل أغلب العرب فرحة الاختيار، ولربما كنت شاهدًا على مدار العقد الماضي للجدل الكبير الذي دار حوله.
عدم ملاءمة الطقس، الثقافة الكروية المتواضعة، قضايا حقوق الإنسان والحريات، حقوق العمال المهاجرين، قضايا الفساد في الفيفا وشراء الأصوات، التمييز الغربي والعنصرية ضد العرب والمسلمين، توقيت المونديال وسط رزنامة المنافسات المحلية، الميزانية الضخمة وغيرها من المواضيع التي كتبتها الصحف وجاءت على ألسن النقاد والصحفيين واللاعبين السابقين والشخصيات العامة وحتى ورؤساء بعض الاتحادات الرياضيّة.
ها نحن اليوم قد ودّعنا نهائي المونديال، وأيّ نهائي.. ورأينا ميسي يُتوّج. حَدَث الكثير من دون شك، تغيّرت رؤى العديد بعد أن فُرِض الأمر الواقع، لكن لا يبدو أن الجدالات حُسِمت، بل لم ولن تتوقف قط.
الأمر الأكيد أن هذه النسخة ستبقى واحدة من أبرز النسخ في تاريخ الرياضة، ليس لأنها كأس العالم الأخيرة بـ32 منتخبنا فقط، أو لأنها الأولى في العالم العربي، أو لأنها الأولى التي تجرى في فصل الشتاء أو أنها تجرى لأول مرة في بلدٍ صغير المساحة لا تتعدى المسافة بين أبعد ملعبين 65 كيلومترا، أو لأنها الفرصة الأخيرة لميسي ورونالدو، بل أيضًا لكم التناقض والتناحر الذي حملته معها منذ أول لحظة، مونديال قطر مثّل أحدثَ تجسيد لمزاعم فصلِ الرياضة عن السياسة وتداخل المال مع جوهر كرة القدم، وأفضل مثالٍ عن كون العالم “قرية كروية” صغيرة.. ولكن، لن ننسى هذا المونديال لأجل كمّ المفاجآت والمتعة التي حظينا بها.
منصة التتويج في مونديال روسيا 2018 ومونديال قطر 2022. المصدر: يوتيوب
أسئلة متأخرة جدا
في أوائل عام 2021، أصدرت جريدة الغارديان تحقيقًا مفاده أن قرابة 6500 عاملاً من الهند، باكستان، نيبال، بنغلادش وسري لانكا لقوا حتفهم بين عامي 2011 و2020 في طور الأشغال الضخمة التي أطلقتها الحكومة القطرية لبناء الملاعب والبنى التحتية الضرورية لاستضافة الحدث الرياضي الأكبر في العالم، بينما زعم تقرير آخر صدر عن منظمة العفو الدولية أن العدد بلغ 15021 عاملًا أجنبيّا، وهو الرقم الذي رفعته عدة إلتراسات أوروبية للتنديد بالتظاهرة ودعوا إلى مقاطعتها.
بعيدًا عن دقة الأرقام وردود السلطات القطرية ودعواتها الإصلاحية، فإن الاحتجاج بدأته عدة منتخبات غربية -على رأسها النرويج وألمانيا- في مارس 2021، ومع كل يوم اقترب فيه الموعد، أصبح سؤال الصحفيين حول الموضوع للاعبين والمدربين في كل منتدى صحفي أمرًا روتينيًا، تباينت فيه الإجابات وسبب حرجًا للعديد.
هذا ما دفع مدرب نادي ليفربول، يورغن كلوب، إلى انتقاد الصحافة بشدة، معتبرًا أن سؤال اللاعبين حول الموضوع اليوم هو من أجل العناوين فقط ولا فائدة منه. أغلب اللاعبين كانوا أطفالًا حين اتخذ القرار، لا أحد يسألُ المعنيّين الحقيقيّين عن الاختيار وعن نتائج اختيارهم، ومدى نزاهته.
لمّح كلوب إلى الطريقة المشبوهة التي أعلن فيها عن فوز روسيا 2018 وقطر 2022 في وقت واحد وكيف أن الصحافة لم تتعامل مع الموضوع كما ينبغي بعدم طرح الأسئلة المناسبة.
إجابة كلوب ليست مجرد ردة فعل غاضبة على الصحافة “البيضاء اللئيمة”، بل هي عرض لجوهر مشكلة العالم اليوم، لا أحد يسأل الأسئلة اللازمة في الوقت اللازم بعيداً عن نزعة الفوقية والإملاء الأخلاقي وسلطة المال. إن التعامل الغربي الذي يتّسم بالفوقية يتجاهل خياراته الخاطئة، ويرمي بنتائجها السلبية على الآخر لأنه أدنى منه.
هذا ما جعل أغلب المشجعين العرب من خلال الصحافة أو الصفحات الكبرى على السوشال ميديا يتّخذون موقفًا هجوميًا على أي حملة تندد بالتجاوزات التي حدثت في حق العمال بقطر، أو تحتجّ على تجريم المثلية ووضعية مجتمع الميم-عين في “الدويلة الخليجية”.
ذهب البعض بعيدًا في دفاعه الأعمى، بين من اعتبر وجود الوفيات بتلك الأعداد هو أمر عادي في أشغال البناء، أو أن العمال لم يتم إجبارهم على العمل في طقس قطر الحار والرطب، أو أن الدول الغربية لا يحق لها الكلام عن حقوق الإنسان لأنهم قاموا بأعمال إجرامية في الماضي.
لا يشير هذا التصرف إلى حالة الاستنفار الإيديولوجي من كل ما يأتي من الغرب فقط واعتباره محاولة لضرب القيم، بل هو مؤشر خطير على نقص الوعي الطبقي والتضامن الدولي بين الشعوب المستغلة الذي تعاني منه مجتمعاتنا على حساب أفكار رجعية مثل القومية الشوفينية ووهم الانتماء ومشاركة نفس مصالح مشايخ الخليج.
وُلِدتُ في عائلة مهووسة بكرة القدم، كبرت محاطًا ببوسترات مارادونا وبيلي وفريق جبهة التحرير الوطني،كنت مثل أغلب الأطفال ألعبها في الشوارع والبلايستايشن، أشاهدها على التلفاز وفي الملاعب البلدية والوطنية، أتابع أخبارها وأقرأ المقالات الطويلة في الجرائد والأنترنت..
فعلى الرغم أن ملف الترشيح كان باسم تمثيل العرب، فإن العرب أكثر من لقوا مضايقات من السلطات القطرية لدخول البلاد، فقد اضطرت الخطوط الجوية المغربية مثلا إلى إلغاء الجسر الجوي الذي قررته من أجل تسهيل تنقل المشجعين لمؤازرة المنتخب بسبب قيود قطرية.
لقد أصبحت الحركة الاحتجاجية التي قام بها المنتخب الألماني بتكميم أفواههم مصدر سخطٍ ثم تنكيت، فحسب بعض المعلّقين في وسائل التواصل الإجتماعي فإن ألمانيا النازية قامت بجرائم في الحرب العالمية الثانية بقدر كافٍ لسلب الألمان حق تقديم دروس في الأخلاق، وبهذا أصبح المنتخب الألماني منتخب الألوان (إحالة إلى راية قوس قزح) مع إعطاء دلالات جنسية لصور لاعبيه في التدريبات.
إن المعاملات الهوموفوبية غير مفاجئة، فهي ليست جديدة على مجتمعاتنا المعاصرة رغم التعاطي المختلف مع المثلية في التراث الإسلامي سابقاً.
ينتقد البعض قضية مجتمع الميم-عين باعتبارها استيراد لسياقات غربية، وبالتالي فهي تنطلق من الأيديولوجيا وليس الواقع، غير أن أفراد المجتمع ذاته عابوا هذا الطرح، معتبرين أن أي شخص كان طرفاً في النقاش ولو سطحياً حول معنى أن تكون مثلياً وعربياً يعرف مدى الصعوبات التي يواجهها وأن الأمر لا يرتبط بالغرب فحسب.
لقد تم تقديم معاداة المثلية ورايتها في مونديال قطر على أنه “عادات مختلفة” في نفس الوقت الذي يتم فيه قتل ومضايقة أشخاص والاعتداء عليهم عالمياً ليس إلا لكونهم من مجتمع الميم.
وفي الوقت الذي كان يفرغ فيه بعض المعتدين رصاص أسلحتهم على أفراد من مجتمع الميم في كولورادو ويعاني الآلاف منهم في المجتمعات العربية، كانت ترافق الشرطة في قطر أي مشجع يحمل راية الألوان خارج الملعب.
في الوقت الذي أرادت فيه بعض المنتخبات الغربية ارتداء شارة قيادة تحمل علم المثليين، تم منعهم من الفيفا -نفسها التي عصفت بها موجات الفساد المالي كثيرًا-، وحلّ سخط كبير على هذه المنتخبات والقضية ذاتها.
منتخب جبهة التحرير الوطني 1960. المصدر: ويكيبيديا
سلطة السياسة والمال وكرة القدم
وُلِدتُ في عائلة مهووسة بكرة القدم، كبرت محاطًا ببوسترات مارادونا وبيلي وفريق جبهة التحرير الوطني،كنت مثل أغلب الأطفال ألعبها في الشوارع والبلايستايشن، أشاهدها على التلفاز وفي الملاعب البلدية والوطنية، أتابع أخبارها وأقرأ المقالات الطويلة في الجرائد والأنترنت.
بقي عشقي لكرة القدم يكبر مع نضجي وفهمي لطبيعة شعبيتها وقوتها الإجتماعية والسياسية، هي بالتأكيد ليست مجرد “متنفّس” و”ترفيه”، هي أكثر من مجرد لعبة اخترعها الفقراء وسرقها منهم الأغنياء.. هي رياضة ولدت من رحم الطبقات الشعبية في مدن المطاحن وبقيت تمثل قضاياهم وتعبر عن حريتهم، تلعب بين الأحياء والمدارس والمدن رغم أنف المؤسسات التي تريد احتكارها واستغلال شعبيتها لخدمة إيديولوجيتها.
إن محاولة جعل كرة القدم غير سياسية هو أكبر تهديد للرياضة في منظوري، وهي حرب تخوضها الشركات الكبرى التي أصبحت باستثماراتها تمتلك وتنظم الدوريات والمسابقات وتتحكم في الإشهارات وتحتكر أنظمة المراهنات وحقوق البث الضخمة.
تريد الشركات الكبرى وحلفاؤها من المؤسسات الدولية والقارية أن تصبح كرة القدم سلعة استهلاكية أخرى، أين يصبح للاعبين قيمة مادية تحددها خوارزميات، ويرقص المشجعون ويهتفون ويشترون ويدعمون فقط ما توافق عليه السلطات: التضامن مع أوكرانيا؟ سوف نسمح بذلك لكن بشروط.. نعم في دوري أبطال أوروبا ولا في نهائي المونديال، مع فلسطين؟ لا يجب إدخال السياسة في الرياضة. مجتمع الميم؟ يعتمد على مقدار القوة والمال الذي لديك. احتجاج حول حقوق العمال؟ غرامة مالية. أخذ صور مع شعار الشركات الراعية؟ يجب عليك ذلك أو غير مسموح لك بالمشاركة.
رغم تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل، إلا أن المنتخب المغربي التقط صورةً جماعية بعد فوز تاريخي على إسبانيا ولكن مع العلم الفلسطيني وواصل حمل العلم في صورٍ تعكسُ صدى الرأي العام المغربي. بل أن العلم الفلسطيني لم يفارق رفقة الكوفيات المدرجات في كل مباريات البطولة سواء من المشجعين العرب أو الأجانب..
اعتادت كرة القدم الدولية أن تكون سلاحًا سياسيًا في القرن الماضي، وأداةً للتضامن الدولي بين الشعوب حتى من خلال التنافس المباشر، أما الآن فتكاد كما يراد لها أن تصبح عديمة الفائدة، مزيفة، لا تخدم سوى من يملك القوة الإعلامية، تغذي المشاعر الرجعية كالقومية، كراهية المثلية، كراهية النساء، تفوّق العرق الأبيض، وحُكم المال..إلخ.
لقد كان كأس العالم وكرة القدم على مدار الـ 100 سنة الماضية، صراعًا بين الرياضة ذاتها والسياسة.
قبل سبعة عقود لعب فريق جبهة التحرير الوطني على الملاعب وعلى خدمة قضية تحرير الجزائر، اليوم مع دعاوى عدم إقحام السياسة في الرياضة لم تتغير القوة التي تحملها كرة القدم كثيرًا، ورأينا القليل منها في مونديال قطر ذاته، ما تعلق بحقوق الإنسان كما ذكرنا سالفًا، أو حول قضايا عالمية أخرى.
قبل أسابيع قليلة رفض أفراد المنتخب الإيراني غناء نشيدهم الوطني احتجاجًا على قمع الحكومة لمظاهرات الشعب الإيراني، لاعب المنتخب السويسري غرنيت تشاكا وهو من أصول كوسوفية ارتدى قميصاً عليه اسم جاشاري -إشارة لقائد المقاومة الكوسوفية- بعد الفوز على صربيا والتأهل للدور الثاني.
ورغم تطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل، إلا أن المنتخب المغربي التقط صورةً جماعية بعد فوز تاريخي على إسبانيا ولكن مع العلم الفلسطيني وواصل حمل العلم في صورٍ تعكسُ صدى الرأي العام المغربي. بل أن العلم الفلسطيني لم يفارق رفقة الكوفيات المدرجات في كل مباريات البطولة سواء من المشجعين العرب أو الأجانب، كما شهدت الأسابيع الماضية مقاطعةً جماهيرية كبيرة لمراسلي القنوات الإسرائيلية: هنا مشجع إنجليزي يصرخ الحرية لفلسطين، ومشجّعة يابانية تغادر بعد أن تعلم أن المذيع من قناة إسرائيلية. كان التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية هو أكبر فوز لكرة القدم على لوبيات المال والسياسة في هذا المونديال.
زِد على هذا فإن مشوار المنتخب المغربي أعاد بعث سؤال الوحدة والتضامن العربي. ورغم الخلاف السياسي الكبير بين الحكومتين الجزائرية والمغربية والتهريج الذي يقوم به الإعلام من الطرفين، إلا أن قطاعات واسعة من الجزائريين شجعوا، في المقاهي والبيوت، المنتخب المغربي.. وهو غريمٌ تقليدي للمنتخب الجزائري.
جزائري يتابع المباراة، ديسمبر 2022. المصدر: خطــ30
مونديال التيك توك
إن صغر مساحة قطر صنع جوًّا اختلطت فيه الجماهير من مختلف الثقافات والأعراق، في الأسواق، الأماكن العامة، المترو وقرب الملاعب، ربما مما سيميّز مونديال قطر للأبد هو حضور قويّ لجيل جديد جعل من تيك توك يتفوّق على غوغل كأكثر محرك بحث استعمالاً في العالم، نقل لنا هذا الجيل كل الأجواء من الشوارع ومن داخل الملاعب.
قبل أسبوع فقط قرأت أن الفيديوهات التي تحت هاشتاغ #FifaWorldCup تمت مشاهدتها أكثر من 12 مليار مرة .ليس مفاجئًا البتة، فالآلاف من المشجعين شرعوا في توثيق رحلتهم إلى قطر عن طريق النشر على المنصة، بن بلاك (24 سنة) حظي لوحده على 170 مليون مشاهدة بعد أن أطلق تحدي الذهاب لكل مباريات البطولة.
سيطرت البطولة، منذ انطلاقها، على تيك توك. جرى توثيق شامل للحدث لداخل قطر وكل أرجاء العالم: تحديات الرقص في الشوارع، إهداء التذاكر لغرباء والاستمتاع معا بالمباريات، غناء ورقص جماعي، مقاطع معدلة للأهداف، ملخصات لمباريات الدورة وملخصات لمباريات تاريخية من المنافسة على أنغام أكثر الأصوات “ترند” في التطبيق، مقاطع المحللين وحتى مقتطفات من المقابلات الصحفية، احتفاء بأفضل اللاعبين الذين يلعبون آخر دورة في مسيرتهم، فيديوهات لردود فعل المشجعين من الأماكن العمومية والكثير من الأعمال الفنية من المعجبين FAN ART.
ساهم تيك توك في كسر احتكار الإعلام في نقل الصورة عن الحدث، كما أبرز تداخل الترفيهات الأخرى مع كرة القدم خاصةً عند الجيل الجديد، وكان أحد أفضل الترندات على هذا التطبيق هو نجاح مشروع “بلو لوك“.
أبطال خارقون
بدأ كل الأمر عندما انهزمت اليابان في ثمن نهائي مونديال روسيا 2018 بعد أن كانت متفوقةً ضد بلجيكا، استلهم السيد كانيشيرو مانيوكي من الحادثة لكتابة مانغا “بلو لوك”، وهو حسب القصة “مشروع يهدف إلى تكوين أفضل مهاجم أناني في العالم لقيادة اليابان في كأس العالم القادمة”، اشتهرت المانغا وحققت مبيعاتٍ كبيرة، واقتُبِست على شكل أنمي في خريف 2022، كما شارك كاتب المانغا مع الشركة العالمية أديداس للترويج لقميص المنتخب الياباني الخاص بالمونديال عن طريق رسم شخصيات المانغا بالقميص المستلهم من فن الأوريغامي المحلي.
قدّم المنتخب الياباني في دور المجتوعات أداءً قويًا، واستطاع اقتناص فوزين رائعين على منتخبي ألمانيا وإسبانيا، كان سيمر ذلك مرور الكرام لولا الطريقة التي سجّل منها المنتخب الياباني أهدافه. هدف من زاوية مغلقة ومستحيلة أمام ألمانيا لا يسجلها إلا مهاجم عالمي أناني يهديهم الفوز.
وحتى عندما مرّت الكرة بجانب خط المرمى في الدقيقة 51، وبدت أنها ستخرج عن اللعب، بطريقة ما، يقوم اللاعب الياباني بلوي جسده ويعيد الكرة مرة أخرى إلى داخل الملعب مارةً جنب الحارس الإسباني، لتجد زميله الذي وضعها داخل الشباك، الهدف الذي هزموا به إسبانيا، لقطة مستحيلة أخرى خرجت من صفحات المانغا.
انكبّ محبو الأنمي من كل أنحاء العالم على صنع فيديوهات تدمج ما حدث في الحقيقة مع ما حدث في الأنمي والإشارة للتشابهات، جعلوا ثيمة الأنمي ترند على المنصة وانتشر خبر نجاح المشروع في كل العالم.
كيف تصبح بطل قومٍ، تعوّدوا على مارادونا؟ كيف تحصل على كأسٍ آخر مرةٍ حصلت عليها بلادك كان قبل ولادتك بعام؟ كأس العالم كانت عُقدة ميسي الكبرى. ولكن في الختام ومثل ملحمةٍ إغريقية، يلتف الكل حول البطل ويشاهدونه ينثر سحره ويصل مستويات درامية لم يصلها من قبل..
حصل محبو الكي-بوب والدراما الكورية على نصيبهم من غلة مونديال قطر كذلك، بدايةً بإعلان أغنية Dreamers لنجم الفرقة الأشهر في العالم BTS جانغوك، وتبعها تأهل درامي للمنتخب الكوري بهدف في آخر دقيقة في مباراتهم مع المنتخب البرتغالي أهداهم التأهل للدور الثاني.
أما النهائي، بمتنه وهوامشه -التي تلت المباراة- فهو أفضل نهائي كان ممكن أن نحصل عليه. هنا تنتهي قصة ميسي، الذي بقينا ننتظره لسنوات مع كل مونديال، هو الذي بدأ يرقص مع الآلهة ويقدم مستوى خيالي مع برشلونة إلا أنه كان يخيب في المحفل العالمي.
كيف تصبح بطل قومٍ، تعوّدوا على مارادونا؟ كيف تحصل على كأسٍ آخر مرةٍ حصلت عليها بلادك كان قبل ولادتك بعام؟ كأس العالم كانت عُقدة ميسي الكبرى. ولكن في الختام ومثل ملحمةٍ إغريقية، يلتف الكل حول البطل ويشاهدونه ينثر سحره ويصل مستويات درامية لم يصلها من قبل، وتنتهي بإنصاف البطل وفوزه وتخليد اسمه للأبد فوق الجميع.
مباراة النهائي، التي لم نستفق من سحرها بعد، قد تنهي كل المقارنات وكل النقاشات، خاصةً مع كريستيانو الذي خرج خائباً أمام المغرب ولم ينل الكأس التي حلم بها هو أيضاً. وفي الرياضة التي تعتبر فيها الرشاقة والقوة الجسمانية والطول والعضلات مقياسا مهما، رأينا أن الأفضل في تاريخها هو رجلٌ طوله 169 سم.
صحيحٌ أن الإعلام دعم ميسي كل مرّة، وصحيح أن باريس سان جرمان الذي يلعب له ميسي يملكه القطريون، وصحيحٌ أنّ مونديال الشتاء تصادف مع صيف الأرجنتين فحجّ جمهور هذا البلد بمئات الآلاف، عكس الأوروبيين الذين تأخروا بسبب تصادف أعياد الشتاء.. ميسي استفاد من قطر وقطر استفادت من ميسي وألبسه أميرها البشت، و”توجّه ملكًا” كما غرّد الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم..
