مين منّا ما بيعرف هاللحن؟
طلعت يا ماحلا نورها
شمس الشمّوسة
يالله بنا نملا ونحلب
لبن الجاموسة
سمعتوني لوحدي
عم إعزفه على الكمان
بس أنا مو لوحدي
كانت معي الجُدران
لما منغنّي، أو منعزف
داخل مكان مسكّر ومسقوف،
الجدران بتردد معنا متل جوقة موسيقية خفية
الصوت ياللي سمعتوه مو صوت كماني بس،
كان الصوت صوتي، وصوت الصدى
الوتر لما بيهتز بيشكّل موجة والموجة، بتطير بالهوى
لما الموجة بتخبط بجدار، بترتد. بترجع برجوع.
الصدمة بتحولها، بتضعفها، بتخليها غير بتصير صوت لصوت،
عم ينازع عم يخفق، بدّه يطير بالسما ويعلي بس ما بقيله إلا يردد معي ويغني، قبل ما يموت
لحن الأغنية قديم. من أول القرن الماضي.
بيقولوا بالأصل عراقي، من البصرة.
وإنه الملا الكردي عثمان الموصلي، مين لحنه.
والمغنية السورية طيرة الحلبية، أول مين غناه.
وياللي طارت فيه من البصرة .. لحلب.
سمعه سيد درويش لما كان بالشام
حبه، وأخده معه إلى مصر
اللحن لما يرتد بيصير إله سحر
بيجذبنا وبيريّحنا
الجدران لما بتعكس صدى الكمان بتخلينا نحسّ بالألفة
بس، لو اللحن إتمنى إنه ينفتح باب الغرفة ويطير
أو ينكسر الحيط فيتركنا ويروح، ليختبر المدى
ياترى، لوين راح يودي؟
زاهر القاعي، موسيقي ومؤلف من حمص
باحث في العلوم الموسيقية واللسانيات، من جامعة هومبولدت ببرلين
رحت لزوره بمقهى الجامعة وأسأله لما الصوت، بيغادر المكان المغلق وين بيروح ؟
زاهر : “إحدى أهم المبادئ الفيزيائية المعترف بها حاليا وهي شئ أساسي في كثير من العلوم
هو قانون مصونية الطاقة ويمكن تلخيصه على أنَّ الطاقة تتحول من شكل إلى آخر
ولا تفنى ولا تخلق من العدم. الأمواج الصوتية تنتج عن حركة
سوف تتحول إلى شكل آخر من أشكال الطاقة عندما تحرك جزيئات الهواء
وهذا يعني أنها تتحول إلى طاقة حرارية بشكل أساسي إلى أن تفنى وتصبح غير مسموعة.
لكن على عكس الحالة عندما نعزف في غرفة مغلقة
او غرفة أو مكان ذو جدران تساهم في عكس الصوت فإنَّ الوضع في الخارج مختلف.
كل غرفة أو حيز أو مساحة تمتلك خصائص صوتية واضحة.
وبذلك فإن لكل بيئة خصائص صوتية معينة سواء كانت مغلقة أو مفتوحة.
لكن الفرق الأساسي بين المكان المغلق والمكان المفتوح هو مدى تعقيد البيئة الصوتية لذلك المكان.
وهكذا يمكن النظر إلى الموسيقى والتصويت البشري على أنهم دائما في حالة تفاعل مع البيئة المحيطة التي يراد لهذا الصوت أن يُصدر ضمنها”
ما حدا بيعرف الألحان من دون جدران
أحسن من موسيقيّ الطريق
أنا بعرف موسيقي طريق ببرلين
من إسطنبول إسمه هاكان طوغرول
لهاكان لحية طويلة وشعر طويل
وسحنة نورانية متل متصّوف درويش
هربان من منمنمات الشاه نامه
بيعزف على آلة إسمها سنطور
وياللي عم تسمعوها هلق من تحت إيديه
هالآلة القديمة ياللي عمرها أكثر من ٣ آلاف عام أخدت له عقله
حتى ترك إسطنبول وسافر إلى طهران ليتعلم عليها،
والسنطور صندوق من خشب مشدودة عليه الأوتار بتنطرق بعصايتين كمان من خشب
راح آخد اللحن، وكماني معي ونروح لعند هاكان عرّفه عليه ونعزفه سوا ونسمع سوا،
كيف اللحن راح يتفاعل مع الأرض والشجر والحجر ولوين راح يطير بالفضا
بأول الزيارة، سألت هاكان شو المختلف أثناء العزف بالشارع عن العزف بغرفة أو قاعة
حكالي إنه بالطريق العزف عفوي
وهاد الشي بيعطي العازف حرية
بينما الأداء بقاعات الحفلات بتسبقه بالعادة تحضيرات
وقلي كمان، إنه خلال الحفلة
ما بكون في فرصة للتواصل مع الجمهور
أما بالشارع، فبتجي ناس لتسأل أسئلة
وبتجي ناس وهي رايحة تقضي أشغالها
بتسمع أغنية، فبتفيق جواتهم ذكرى
أو بتخليهم يشعروا بالحنين،
لما بتكون الأغنيّة من البلد البعيد ياللي إجو منّه
فالعزف بالشارع بيمنح فرصة للمشاركة
بين المؤدي والمستمع
وسألته، كيف بحس الصوت من دون صدى لما يضيع منه
وما يلاقي بوجه سقف أو حيط يرتد عنه
جاوبني، إنه الصوت داخل المكان
والمنعكس عن الجدران
بيخلينا نحسه بشكل أفضل
أما لما نعزف بالطريق
بيكون في شي ناقص،
والصوت على الأغلب بيظل ناشف
بالأخير، قلت لهاكان إني جايب معي لحن “طلعت يا محلا نورها”
وحابب نعزفه سوى فرحّب بسرور