fbpx

(أصوات مسجلة من الموبايل/ حادث مقتل فتاة المنصورة) 

ده تسجيل من المنصورة… تسجيل حي بالموبايل لجريمة قتل علنية في عز النهار قدام باب الجامعة.

الفيديو بيظهر فيه شاب بيطعن بنت بسكينة

البنت بتقع على الأرض فبيتلم عليها عدد ضخم من زمايلها عشان ينقذوها

بس بعد فوات الأوان.. الجريمة كانت بدافع الحب

ظهر بعد كده إن الشاب اتحول لقاتل عشان حبيبته رفضت ترتبط بيه. 

(صوت صراخ السكان في مقطع الاسماعيلية) 

في الإسماعيلية.. بالصوت والصورة بنشوف سكينة برازيلي كبيرة بتنزل أكتر من مرة على رقبة شخص في الشارع في عز النهار

ومن كل زاوية علشان صاحبها يتأكد من فصل الراس عن الجسم تماما..

الفيديوهات دي اتشالت بعدها من على النت بالمناسبة

وفي فيديو تاني.. بنشوف القاتل شايل الراس المقطوعة في إيده، بيلف بيها في الشارع وسط ذهول الناس.. وقلة حيلتهم..

لحد ما بيشكوا في جنونه إللي ممكن يطولهم في أي وقت، وهنا بس بيتدخلوا

(أصوات قاتل فتاة الشرقية في بئر السلم)

وفي الشرقية شاب ثاني مستحملش رفض بنت له فبرضه ذبحها…  

استناها في عمارة بتشتغل فيها واحدة صديقتها، وفاجئها بسكينة في بير السلم، طعنها بيها أكتر من مرة

في التسجيل بنشوف القاتل بعد الجريمة، حابس نفسه في مدخل العمارة والناس ملمومة برة

القاتل ماسك في إيده السكينة وبيزعق بأعلى صوت كلام عن “حقه” و”فلوسه” وعن مبلغ “50 ألف جنيه”

(أصوات قاتل فتاة الشرقية في بئر السلم)

3 جرائم قتل، كل واحدة أبشع من الثانية، انتشرت فيديوهاتها على السوشيال ميديا السنة اللي فاتت

لما بشوف صعوبة ظروف الحياة حوليا، بربط تلقائيًا الحاجتين ببعض، حتى لو العلاقة دي مش مؤكدة…

 

والخلاصة إنه بيتكون عندي إحساس إننا عايشين أيام سودة فعلا

وإن اللي بيحصل في الفيديوهات دي مش بيحصل في عالم ثاني بعيد عني

الرعب مبقاش حاجة باتفرج عليها على التليفون وأنساها بعد ما أقفله. 

ممكن الفيديو الجاي يكون عني أنا.  

ممكن بكرة أكون ضحية مواطن فقد السيطرة على نفسه.. أو ممكن أكون أنا المواطن ده

كل واحد فينا جواه أكتر من طبقة.. مثلًا: عند عالم نفس شهير زي كارل يونج الشخصية ليها ضلها

واللي بيتشكل نتيجة كل الرغبات اللي دفناها جوانا

من غير ما نحققها أو نتصالح معاها – من طفولتنا لحد حياتنا دلوقتي

في الفترة اللي فاتت، ابتديت أحس إن ضلي ده بيكبر

فيه جوايا كائن مستقل بذاته مشحون مشاعر سلبية، يعني بشكل أساسي غضب.

وزي ما حاجات كثير في حياتي اليومية مبقتش مضمونة، بسبب الأزمات

مقدرش أقول إني لسه ضامن ردود أفعال ضلي

لحد دلوقتي، لما بتجيلي نُوبات غضب.. بمشي… لمسافات طويلة يمكن توصل ل 30 كيلومتر

ساعات ده بيساعد، وساعات لأ

السائد عندنا إن الناس بتعبر دايمًا عن غضبها

ثقافتنا أصلا بتشجع ده. زي ما برضو بتمجد القوة والعنف.

ده الشعور الجماعي اللي بنوثقه على التكاتك والميكروباصات والمحلات..

في موضة الـ bodybuilding أو الفورمة وحلقة الشعر الميري

في لغة المناطحة بين الناس. اسطمبة واحدة.. مستعدة لأي نوَّش.

لما جربت الموضوع بنفسي في تدريب ملاكمة.. كنت حاسس فعلًا بالطاقة دي.. 

 بانش شمال.. هوك يمين..

همس: كسّر.. إخبّط.. 

كنت بسأل نفسي: هو أنا كده لسه في المنطقة الآمنة من الغضب؟

يعني عادي، بنفِّس عن مشاعري. ولا ده ضل شخصيتي بيحاول يفرض سيطرته؟

النهارده باضرب الـساند باج. مين عارف بكرة ممكن أضرب إيه. أو أضرب مين.

دورت على ناس حاولت توظف غضبها في صور إيجابية…  

مالك: كنت بحب يعني يبقى فيه رياضة بأي شكل بس مش بشكل متواصل، عادي تبقى موجودة كده في حياتي

وبعدين مؤخرا جالي حالة من الغضب من كل حاجة، وتذمر، كل حاجة مش عاجباني

أولا كانت فترة سيئة جدا أنا على مدار اليوم غضبان ومتضايق ومتخانق وزهقان على جميع المستويات فاهم؟

فهي كانت الحل الوحيد عشان أهدى كده وأخد نفس

عشان مبقاش راكب مواصلة وأتخانق مع ده وأشتم ده وأتكدر مع ده وأعمل حوار مع ده

منت هتضطر تطلع غضبك ده على محيطك بشكل ما حتى لو بشكل غير واعي

ده مالك. شاب في أوائل التلاتينات 

لعبت بقى رياضة بشكل مستمر أوي وكان فيه نوع من الافراط عارف

إفراط في الفعل اللي هو كنت بمارس رياضة تقريبًا بس.. مبعملش حاجة تانية في الحياة أصلًا

مبشتغلش مبعملش أي ابن جنية تقريبًا، هو رياضة، وعمال آكل أكل غير مناسب للرياضة اللي بعملها

ورياضة وخلاص قبل النوم وبعد النوم، أول ما تصحى، كنوع من أنواع إني أبقى أهدى

مش غضبان، مش بطلع غضبي ده على الحاجات اللي حوليا. كنت بطلعه في التمارين دي بشكل مستمر)

بعد شهرين تمرين 24 ساعة في اليوم، مالك اتصاب بآلام مزمنة في الرقبة والظهر

الدكاترة قالوله إن الألم أسبابه مش عضوية إطلاقًا، وإن مشكلته نفسية.

مالك: كنت بحاول أعمل كنترول على الغضب..

لحد ما رقبتي دي بقيت بحركها بشكل متواصل وشكل هستيري كمان، وعمالة تطرقع بس

عايز أفهم ده ايه، وهنا بدأت أروح للدكتور

وبعد كده بدأ الوضع يتفاقهم أكتر بدأ ضهري نفسه يقف، وبقت رجليا نفسها تقف

كان غلط كان الموضوع نفسه غلط مكنش صح، مكنتش صح الطريقة اللي أنا بتعامل بيها

مكنش صح فكرة إني متضايق دلوقتي من مشكلة

فأنا أقوم جي عامل  50 ضغط أو 100 ضغط، مفيش كده

كريم: الخلاصة… مفيش حد مابيدخلش في مواجهة مع ضله

والمسألة مش سهلة. السكينة البرازيلي بقت حرفيا متعلقة فوق رقبتنا

بلاحظ..  إن مساحات مواجهة الغضب بقت كتيرة

زي الجري في الشوارع في مجموعات كبيرة

 صوت Cairo Runners

أو حضرة صوفية.. 

حصة يوجا

أو أنا باقراها كده. بالنسبة لحد ثاني ممكن تكون المسألة تسلية أو إيمان أو لياقة بدنية

أنا من ناحيتي مش قادر اشوف فيها غير مساحات مفتوحة للاشتباك مع الضل

يعني.. محاولات فردية وجماعية عشان تحتوي حالة عامة من المشاعر السلبية

يبدو إنها بتزيد يوم بعد التاني

على الانترنت لقيت إعلانات كثير عن كورسات وفيديوهات لما يسمى بفن إدارة الغضب

أو الـ anger management

وكمان لقيت فيديوهات وتسجيلات بتشرح الـ meditation خطوة خطوة عن طريق تنظيم النفس

لكن أكيد أغرب حاجة عدت عليا هي العلاج بالصريخ…

مقطع 1970s Primal Scream Therapy

في أيرلندا في السبعينات.. كان فيه مجموعة اسمها كوميونة أتلانتس العلاجية

أعضاء أتلانتس كانوا معروفين باسم الصرّاخين، وكانوا بيعملوا حاجة اسمها العلاج البدائي بالصريخ.

مقطع  1970s Primal Scream Therapy

دي أصوات من فيلم وثائقي قديم عن كوميونة أتلانتس

صاحب فكرة الصريخ كعلاج كان عالم النفس الأمريكي آرثر جانوف. جانوف..

ابتكر حاجة سماها العلاج البدائي، وهي وسيلة لعلاج  الأمراض العقلية

عن طريق زيارة مكررة لآلام الطفولة المكبوتة

بالزعيق والصريخ وأحيانًا التعدي اللفظي

أعضاء كميونة أتلانتس وصفوا طريقتهم بإنها صراحة وجدانية

وكانوا بيخصصوا جلسات بيصرخوا فيها في وش بعض باعتباره علاج..

اللي هيسمع أو يشوف المشهد من بره ممكن يتصدم..

مجموعة من البشر بيصرخوا و يزعقوا في بعض بشكل هستيري.. 

1970s Primal Scream Therapy

ولإني باشتغل في الإذاعة، وعندنا في المبنى كذا استديو

إللي هو أوضة معزولة الصوت تماما.. 

قررت أجرب..

مع كل مرة صوتي كان بيعلى أكثر وأكثر… 

زمايلي في الشغل إستغربوني جدا

منة: الـ scream اللي أنا بعمله جوه، يعني ممكن أصوت جوه ده بالنسبالي more powerfull

بس متخيلتش نفسي وأنا بره كده وعندي الـ oppurtunity

إن أنا أصوت هعملها ازاي الصراحة.

 أما أنا، فحسيت كأني بعمل طقس ديني

وقررت أمارسه بانتظام.. في أي مكان أقدر أعمله فيه.

وأنا ماشي في الصحرا

الصبح في الحمام

أو وأنا على الطريق السريع

أحيانًا على سرعة معينة في وقت محدد على الطريق..

الصريخ بيكون ليه تأثير رهيب على العقل..

وكأن الاندفاع في الدورة الدموية والأحبال الصوتية بيعمل حفلة في الدماغ..

بتسكِت الغضب، أو بتسكِت ضلي، يعني، مؤقتًا

وبعد شوية بيرجع يظهر ثاني، بكامل طاقته

هل فيه حلول ثانية؟ مش عارف. 

كل ما برجع أفتكر مشاهد القتل التلاتة في الاسماعيلية والشرقية والمنصورة..

بفتكر كلام كارل يونج عن الظل

وازاي الإنسان لازم يتعرف على المناطق الضلمة في شخصيته

المناطق اللي مبيعترفش بيها بسهولة من زحمة التركيبة الإنسانية..

يونج بيقول إن الحل هو إننا نتقبل ضلنا

إن أول خطوة هي إننا نتصالح مع وجوده علشان نقدر نهندله

يعني… بحاول 

ولما بفشل، بحاول على الأقل أنسى مشهد السكينة البرازيلي

وهي بتنزل على رقبة إنسان في وسط الشارع…

وبكمِّل مشي

في الأيام المرعبة.. كيف تشتبك مع الظل؟

فتاة المنصورة، فتاة الشرقية، الرأس المقطوع في الإسماعيلية؛ الرعب أصبح قريبًا، من الممكن أن أكون الضحية القادمة لمواطن فقد السيطرة على نفسه.. أو أكون أنا هذا المواطن
ــــــــ جسد
29 مارس 2023

* الصورة: خطــ٣٠ // باستخدام Ai // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft