ما معنى كرسي؟ لو أجاب أحدهم أنه شيء يمكن الجلوس عليه فهذه إجابة خاطئة. يمكن لأحدهم أن يجلس على حافة السور، أو على الدرج، وقد يجلس على بلد بحاله أو على الشعب. قد يستخدم الكرسي لغلق أكرة الباب ومنع الناس من الدخول. وفي لبنان هناك كراسٍ ضالة في الطرقات، يضعها البعض لحجز مكانهم على الرصيف أو لقول “ممنوع الوقوف“، أو لقول “هذا المصف لسيارتي“، كما أنني رأيت كرسيًا مربوطًا بسلسلة كأنه كلب.
التقطت صورة لأول كرسي بعد الفراغ الرئاسي بقليل، حين ترك ميشيل عون مقعده في أكتوبر/تشرين أولالماضي، منذ ذلك الوقت، كلما وجدت كرسيًا محطمًا أو مهجورًا أو مرميًا أفكر بالرئيس المجهول والمنتظر وأحس أن هذا الكرسي الذي أمامي كرسي الرئاسة شخصيًا، فآخذ له صورة.
أدهشتني أيضًا كمية الكراسي التي يلقيها لبنانيون بعد أن يخربوها، ثم يجد لبنانيون آخرون غرضًا آخر لاستعمالها. نشرت أول لقطة لكرسي على صفحتي ولم ينتبه أحد، وحين بدأت أنشر الصور تباعًا، انتبه مصورون آخرون من أصدقائي وبدأ بعضهم يلتقط صورًا أيضًا لكراسي الرئاسة الخربة والمتروكة. وصلتني صور حتى من خالي في ألمانيا لكرسي ألماني شعر أنه يمثلنا.
ليس الفراغ جديدًا علينا في هذا البلد، لبنان يدخل الشغور السياسي للمرة الرابعة في تاريخه، الأولى كانت عام 1988 مع انتهاء ولاية أمين الجميل وانتهى بانتخاب رينيه معوض عام 1989. والثانية استمرت ستة أشهر عند انتهاء ولاية إميل لحود عام 2007، وانتهت بتسلم ميشال سليمان .أما المرة الثالثة فامتدت لعامين وخمسة أشهر بدأت بانتهاء ولاية سليمان وانتهت في 2016 بانتخاب عون.
غدًا الجلسة رقم 12 منذ 31 تشرين أول/أكتوبر الماضي، وهذا يعني فشل إحدى عشر جلسة في انتخاب رئيس، وبعد خروج ميشال معوض من المعادلة رست اللعبة الداخلية والاقليمية على اثنين؛ سليمان فرنجية مرشح حزب الله وصديق بشار الأسد، أو جهاد أزعور الموظف حالياً في صندوق النقد الدولي ووزير المال السابق في حكومة فؤاد السنيورة.
رغم فشلها في مبادراتها السابقة تقول الأخبار إن فرنسا التي تدعم ترشيح فرنجية قد تحمل مفاجأة للبنانيين غدًا، كذلك يقول اللبنانيون أنفسهم إن توقعات جلسة الغد كثيرة أهمها أن يجري تأجيلها أصلًا.
في أحاديث الأصدقاء هناك السخرية اللبنانية المعروفة، والقليل جداً من التفاؤل. بعضنا يقول ربما يعني وجود رئيس ما بدايةً لحل ما، وهناك من يؤكد أن تسمية رئيس جديد لن تكون سوى بداية لعناوين خلافية قادمة.. فيه أمل؟